على الرغم من أن المنتخبات العربية حققت حضورا قويا في بطولات كأس العالم منذ العام 1982وحتى بطولة كأس العالم الماضية عام 2006 بألمانيا، أسفرت التصفيات المؤهلة لمونديال 2010 عن أضعف حضور للكرة العربية في البطولة منذ نحو ثلاثة عقود.
وفي بطولة كأس العالم الأخيرة بجنوب إفريقيا فشل المنتخب الجزائري الممثل العربي الوحيد في تخطي الدور الأول بعد تلقيه هزيمتين أمام سلوفينيا والولايات المتحدة الأميركية وتعادل أمام إنكلترا، رغم كون المونديال أكد أن مجموعة الجزائر لم تكن بالقوة التي يصعب تجاوزها خصوصا بعد خروج المتأهلين عن المجموعة إنكلترا وأميركا من الدور الثاني على يد ألمانيا وغانا.
وعلى الصعيد القاري خرجت تونس من الدور الأول لأمم أفريقيا 2010 كما احتلت الجزائر الصف الرابع بعد الهزيمة في نصف النهائي أمام الفائز باللقب منتخب مصر والهزيمة في لقاء الترتيب أمام نيجريا.
ولم يكن الوضع أحسن في آسيا ففي البطولة الوحيدة للكبار والخاصة بكرة الصالات التي نظمت في أوزبكستان فشلت المنتخبات العربية في ترك بصمتها فخرج المنتخبان الكويتي والعراقي من الدور الأول واللبناني من الدور الثاني.
وتبقى أبرز نقاط فشل كرة القدم العربية يخص الفئات الصغرى والتي من المفروض أن تكون مستقبل هذه الرياضة حيث خرجت كل المنتخبات العربية خالية الوفاض العام الماضي باستثناء تأهل المنتخب السعودي للشباب لبطولة العالم بعد لعبه نصف نهاية كأس آسيا.
ومع بداية فعاليات بطولة كأس آسيا 2011 لكرة القدم، شغلت المنتخبات العربية نصف مقاعد البطولة التي تستضيفها قطر من السابع إلى 29 كانون ثان/يناير الحالي ولكن أيا من هذه المنتخبات لم ينجح في العبور إلى المربع الذهبي للبطولة. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 1972 التي يخلو فيها المربع الذهبي لبطولة كأس آسيا من المنتخبات العربية.
تعددت وتنوعت الأسباب لإخفاقات الكرة العربية فمنها: التدخل في كل كبيرة وصغيرة في شؤون المدرب او المدير الفنى، التحكم فى النوادى لمن يملك مالا اعلى، عدم الانتماء الحقيقى للفرق وتركها لوحدها بأول خسارة، عدم الاهتمام من الحكومة والجمهور بنوادى الظل نوادى الدرجة الثانية والثالثة، اعتماد تشكيلة من لاعبين كبار السن وعدم تغييرها على حساب تجربة صغار السن، احتكار قمم الدوريات بنفس الفرق كل عام، عدم احتراف الاعبين باالخارج وعدم استغلال المواهب الصغيرة.
صحيح أن الدول الخليجية تستثمر ملايين الدولارات في كرة القدم سنوياً إلا أن هذه الاستثمارات عادة لا تصل العنوان الصحيح. إن هذه الأموال تذهب لجيوب مدربين ولاعبين أجانب من رومانيا وأمريكيا اللاتينية على وشك اعتزال اللعب لتقدمهم في العمر. العديد من نجوم الكرة العالميين، أمثال باتستوتا، جونينيو وكنافارو وآخرين، يأتون لكسب الملايين في الخليج عند تقدمهم في السن بدلاً من إشغال دكات الإحتياط في النوادي الأوروبية. إذا ما هو المردود الذي تحققه هذه الدول من هذه الاستثمارات؟ استثمار بدون مردود.
المشكلة الرئيسية هي انعدام الصبر لدى هذه الدول وعدم الثقة والإيمان بالمواهب المحلية. يريد رؤساء النوادي الكروية في الدول العربية والخليجية نتائج وبأقصى سرعة. الأمور لا تسير بهذا الشكل وخير دليل على ذلك هو فشل نادي ريال مدريد الاسباني المدجج بكبار النجوم في السنوات الأخيرة وفشل نادي مانشستر سيتي الإنجليزي رغم استثمار الملايين من قبل العائلة الحاكمة في دولة الإمارات.
ورغم استثمار الملايين في بناء الملاعب الكروية الحديثة والخلابة، لا تستثمر هذه الدول في إقامة ملاعب ومراكز ونوادي وطنية لرعاية وتنمية مواهب صغار السن المحليين.
تفتقر الدول الخليجية أيضا لرؤية طويلة الأمد. فعلى سبيل المثال، بعد فشل المنتخب الألماني في مونديال 1998 ومسابقة بطولة أوروبا 2000، تم استخلاص العبر من قبل اتحاد الكرة الألماني حيث استثمر 500 مليون يورو في خطة شاملة ومدروسة تعتمد على تنمية المواهب الشابة ولم تتأخر النتائج حيث وصل المنتخب الألماني، بقيادة سامي خضيرة ومسعود أوزيل وتوماس ميلر، إلى نهائي مونديال جنوب أفريقيا.
الإخفاقات العربية في كرة القدم تطرح أكثر من علامة استفهام في ظل الدعم الكبير التي تحظى به الرياضة الشعبية من كل الحكومات تقريبا، ويبقى فوز قطر بتنظيم مونديال 2022 فرصة أمام العرب للبحث عن تطوير مستوى الدوريات العربية والتواجد المكثف والوازن على الصعيد العالمي.
على الدول الخليجية أن تحذو حذو ألمانيا وتخطط للأمد البعيد. وعلى دولة قطر بالتحديد، التي تستضيف بطولة كأس العالم في 2022، أن تفكر كيف تحفظ مياه الوجه. إن استثمار 4.5 مليار دولار في بناء ملاعب حديثة فقط لن يسعف قطر التي يترتب عليها توظيف أفضل المدربين لرعاية المواهب الشابة، بالإضافة إلى إنشاء المنشآت اللازمة لهذا الغرض.
الرئيسية
0699393557
أحدث الصور
!!تنبيه !!
